فصل: السنة الخامسة من ولاية تكين الأولى على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة الخامسة من ولاية تكين الأولى على مصر

وهي سنة آثنتين وثلاثمائة‏:‏ فيها عاد المهدي عبيد الله الفاطمي من المغرب إلى الإسكندرية ومعه صاحبه حباسة المقدم ذكره فجرت بينه وبين جيش الخليفة حروب قتلا فيها حباسة وعاد مولاه عبيد الله إلى القيروان وفيها في المحرم صرد كتاب نصربن أحمد الساماني أمير خراسان أنه واقع عمه إسحاق بن إسماعيل وأنه أسره فبعث إليه المقتدر بالخلع واللواء‏.‏

وفيها صادر المقتدر أبا عبد الله الحسين بن عبد الله بن الجصاص الجوهري وكبست داره وأخذ من المال والجوهر ما قيمته أربعة آلاف ألف دينار وقال أبو الفرج ابن الجوزي‏:‏ أخذوا منه ما مقداره ستة عشر ألف ألف دينار عينا وورقا وآنية وقماشا وخيلا وخدما قال أبوالمظفر في مرآة الزمان‏:‏ وأكثر أموال آبن الجصاص المذكور من قطر الندى بنت خمارويه صاحب مصر فإنه لما حملها من مصر إلى زوجها المعتضد كان معها أموال وجواهر عظيمة فقال لها آبن الجصاص‏:‏ الزمان لايدوم ولايؤمن على حال دعي عندي بعض هذه الجواهر تكن ذخيرة لك فأودعته ثم ماتت فأخذ الجميع وفيها خرج الحسن بن علي العلوي الاطروش ويلقب بالداعي ودعا الديلم إلى الله وكانوا مجوسا فأسلموا وبنى لهم المساجد وكان فاضلا عاقلا أصلح الله الديلم به‏.‏

وفيها قلد المقتدر أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان الموصل والجزيرة‏.‏

وفيها صلي العيد في جامع مصر ولم يكن يصلى فيه العيد قبل ذلك فصلى بالناس علي بن أبي شيخة وخطب فغلط بأن قال‏:‏ اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مشركون‏.‏

نقلها علي بن الطحان عن أبيه وآخر‏.‏

وفيها في الرجعة قطع الطريق على الحاج العراقي الحسن بن عمر الحسيني مع عرب طيىء وغيرهم فاستباحوا الوفد وأسروا مائتين وثمانين امرأة ومات الخلق بالعطش والجوع‏.‏

وفيها توفي العباس بن محمد أبو الهيثم كاتب المقتدر كان كاتبا جليلا كان يطمع في الوزارة ولما ولي علي بن عيسى الوزارة اعتقله فمات يوم الأحد سلخ ذي الحجة وأوصى أن يصلي‏.‏

عليه أبوعيسى البلخي وأن يكبر عليه أربعا وأن يسنم قبره‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وعشرون إصبعا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وإحدى عشرة إصبعًا‏.‏

ولاية ذكا الرومي على مصر الأمير أبو الحسن ذكا الرومي الأعور ولي إمرة مصر بعد عزل تكين الحربي عن مصر ولاه الخليفة المقتدر على الصلاة فخرج من بغداد وسافر إلى أن قدم مصر في يوم السبت لاثنتي عشرة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة فجعل على الشرطة محمد بن طاهر مدة ثم عزله بيوسف الكاتب وقدم بعده الحسين بن أحمد الماذرائي على الخراج ثم رد محمد بن طاهر على الشرطة ثم بعد قدوم ذكا إلى مصر خرج منها مؤنس الخادم بجميع جيوشه لثمان خلون من شهرربيع الآخر من سنة ثلاث وثلاثمائة وكان ورد على مؤنس كتاب الخليفة المقتدر يعرفه بخروج الحسين بن حمدان عن الطاعة وأن يعود إلى بغداد ويأخذ معه من مصر أعيان القواد مثل أحمد بن كيغلغ وعلي بن أحمد بن بسطام والعباس بن عمرو وغيرهم ممن يخاف منهم ففعل مؤنس ذلك وآستمر ذكا بمصر على إمرتها من غير منازع إلى أن خرج إلى الإسكندرية في أول المحرم سنة أربع وثلاثمائة فلم تطل غيبته عنها وعاد إليها في ثامن شهر ربيع الأول فبلغه أن جماعة من المصريين يكاتبون المهدي فتتبع كل من آتهم بذلك فقبض على جماعة منهم وسجنهم وقطع أيدي أناس وأرجلهم فعظمت هيبته في قلوب الناس ثم أجلى أهل لوبية ومراقية من مصر إلى الإسكندرية خوفا من ابن المهدي صاحب برقة ثم فسد بعد ذلك ما بينه وبين جند مصر والرعية بسبب ذكر الصحابة رضي الله عنهم بما لا يليق نسب القرآن الكريم إلى مقالة المعتزلة وغيرهم وبينما الناس في ذلك قدمت عساكر المهدي عبيد الله الفاطمي من إفريقية إلى لوبية ومراقية وعلى العساكر أبو القاسم فدخل الإسكندرية في ثامن صفر سنة سبع وثلاثمائة وفر الناس من مصر إلى الشأم في البر والبحر فهلك أكثرهم فلما رأى ذكا ذلك تجهز لقتالهم وجمع العساكر وخرج بهم وهم مخالفون عليه فعسكر بالجيزة وكان الحسين بن أحمد الماذرائي على خراج مصر فجدد العطاء للجند وأرضاهم وتهيأ ذكا للحرب وجد في ذلك وحفر خندقًا على عسكره بالجيزة وبينما هوفي ذلك مرض ولزم الفراش حتى مات بالجيزة في عشية الأربعاء لإحدى عشرة خلت من شهرربيع الأول سنة سبع وثلاثمائة فغسل وصفي عليه وحمل حتى دفن بالقرافة وكانت ولايته على مصر أربع سنين وشهرا واحد وتولى تكين الحربي عوضه مصر إمرة ثانية وكان ذكا أميرا شجاعا مقداما وفيه ظلم وجور مع آعتقاد سيىء على معرفة كانت فيه وعقل وتدبير‏.‏

السنة الأولى من ولاية ذكاء الرومي على مصر وهي سنة ثلاث وثلائمائة‏:‏ فيها ولد سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان وفيها كاتب الوزير علي بن عيسى القرامطة وأطلق لهم ما أرادوا من البيع والشراء فنسبه الناس إلى موالاتهم وليس هوكذلك وإنما قصد أن يتألفهم خوفا على الحاج منهم‏.‏

وفيها تواترت الأخبار أن الحسين بن حمدان قد خالف وكان مؤنس الخادم مشغولا بحرب عسكر المهدي بمصر فندب علي بن عيسى الوزير رائقا الكبير لمحاربته فتوجه إليه رائق بالعساكر وواقعه فهزمه آبن حمدان فسار رائق إلى مؤنس الخادم وآنضم عليه وكان بين مؤنس وابن حمدان خطوب وحروب‏.‏

وفيها توقي أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الحافظ أبو عبد الرحمن القاضي النسائي مصنف السنن وغيرها من التصانيف ولد سنة خمس عشرة ومائتين وسمع الكثير ورحل إلى نيسابور والعراق والشأم ومصر والحجاز والجزيرة وروى عنه خلق وكان فيه تشيع حسن قال أبو عبد الله بن مند ه عن حمزة العقبي المصرفي وغيره إن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق فسئل بها عن معاوية وماروي من فضائله فقال‏:‏ أما يرضى معاوية أن يخرج رأسا برأس حتى يفضل‏!‏ انتهى‏.‏

وقال الدارقطني‏:‏ إنه خرج حاجا فامتحن بدمشق وأدرك الشهادة فقال‏:‏ آحملوني إلى مكة فحمل وتوفي بها وهومدفون بين الصفا والمروة وكانت وفاته في شعبان وقيل في وفاته غير ذلك‏:‏ إنه مات بفلسطين في صفر‏.‏

وفيها توفي جعفربن أحمدبن نصر الحافظاأ بومحمد النيسابوري الحصري أحد أركان الحديث كان ثقة عابدا صالحا‏.‏

وفيها توفي الحسن ‏"‏ بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان الشيباني النسوي الحافظ أبوالعباس مصنف المسند تففه على أبي ثور إبراهيم بن خالد وكان يفتي على مذهبه وسمع أحمدبن حنبل ويحيى بن معين وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي وغيرهم‏.‏

وفيها توفي محمد بن عبد الوهاب بن سلام أبو علي الجبائي البصري شيخ المعتزلة كان رأسا في علم الكلام وأخذ هذا العلم عن أبي يوسف يعقوب بن عبد الله الشحام البصري وله مقالات مشهورة وتصانيف وأخذ عنه ابنه أبو هاشم والشيخ أبو الحسن الأشعري قال الذهبي‏:‏ وجدت ظهر كتاب عتيق‏:‏ سمعت أبا عمرو يقول سمعت عشرة من أصحاب الجبائي يحكون عنه قال‏:‏ الحديث لأحمد بن حنبل والفقه لأصحاب أبي حنيفة والكلام للمعتزلة والكذب للرافضة‏.‏

وفيها توفي رويم بن أحمد وقيل‏:‏ آبن محمد بن رويم الشيخ أبو محمد الصوفي قرأ القرآن وكان عارفا بمعانيه وتفقه على مذهب داود الظاهري وكان مجردا من الدنيا مشهورا بالزهد والورع والدين‏.‏

وفيها توفي علي بن محمد بن منصوربن نصربن بسام البغدادي الشاعر المشهور وكان شاعرا مجيدا إلا أن غالب شعره كان في الهجاء حتى هجا نفسه وهجا أباه وإخوته وسائر أهل بيته وكان يكنى أبا جعفر فقال‏:‏ البسيط‏:‏ بنى أبو جعفر دارًا فشيدها ومثله لخيار الدور بناء فالجوع داخلها والذل خارجها وفي جوانبها بؤس وضراء وله يهجو المتوكل على الله لما هدم قبور العلويين‏:‏ الكامل‏:‏ تالله إن كانت أمية قد أتت قتل آبن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله هذا لعمرك قبره مهدوما أسفواعلى أن لايكونوا شاركوا في قتله فتتبعوه رميما ومن شعره في الزهد‏:‏ الكامل‏:‏ أقصرت عن طلب البطالة والصبا لما علاني للمشيب قناع لله أيام الشباب ولهوه لو أن أيام الشباب تباع فدع الصبا ياقلب وآسل عن الهوى ما فيك بعد مشيبك آستمتاع وآنظر إلى الدنيا بعين مودع فلقد دنا سفر وحان وداع والحادثات موكلات بالفتى والناس بعد الحادثات سماع أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع سواء مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وثماني عشرة إصبعًا‏.‏

السنة الثانية من ولاية ذكا الرومي وهي سنة أربع وثلاثمائة‏:‏ فيها في المحرم عاد نصر الحاجب من الحج ومعه العلوي الذي قطع الطريق على ركب الحاج عام أول فحبس في المطبق‏.‏

وفيها غزا مؤنس الخادم بلاد الروم من ناحية ملطية وفتح حصونا كثيرة وآثارًا جميلة وعاد إلى بغداد فخلع المقتدر عليه‏.‏

وفيها وقع ببغداد حيوان يسفى الزبزب وكان يرى في الليل على السطوح وكان يأكل أطفال الناس وربما قطع يد الإنسان وهونائم وثدي المرأة فيأكلهما فكانوا يتحارسون طول الليل ولا ينامون ويضربون الصواني والهواوين ليفزعوه فيهرب وآرتجت بغداد من الجانبين وصنع الناس لأطفالهم مكاب من السعف يكبونها عليهم بالليل ودام ذلك عدة ليال‏.‏

وفيها عزل المقتدر الوزير علي بن عيسى وكان قد ثقل عليه أمر الوزارة وضجر من سوء أدب الحاشية واستعفى غير مرة ولما عزله المقتدر لم يتعرض له بسوء وكانت وزارته ثلاث سنين وعشرة أشهر وثمانية عشر يوما وأعيد أبو الحسن بن الفرات إلى الوزارة‏.‏

وفيها توفي زيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب الأمير أبو نصر وقيل‏:‏ أبو منصور صاحب القيروان قال الحميري‏:‏ يقال له زيادة الله الأصغر وجذ جده زيادة الله الأكبر ورد زياده الله إلى مصر منهزما من عبيد الله المهدي الخارجي فأكرم وقيل‏:‏ إنه مات في برقة وقيل‏:‏ بالرملة وفيها توفي يموت بن المزرع بن يموت أبو بكر العبدي من عبد القيس كان من البصرة وفيها توفي يوسف بن الحسين بن علي الحافظ أبويعقوب الرازي شيخ الري والجبال فى وقته كان عالمًا زاهدًا ورعًا كبير الشأن‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع سواء مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وثماني عشرة إصبعًا مثل الماضية‏.‏

السنة الثالثة من ولاية ذكا الرومي على مصر وهي سنة خمس وثلاثمائة‏:‏ فيها حج بالناس الفضل بن عبدالملك الهاشمي وهي تمام ست عشرة حجة حجها بالناس‏.‏

وفيها خلع الخليفة المقتدر على أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان وإخوته خلعة الرضا‏.‏

وفيها قدمت رسل ملك الروم بهدايا تطلب عقد هدنة فشحنت رحبات دار الخلافة والدهاليز بالجند والسلاح وفرشت سائر القصور بأحسن الفرش ثم أحضر الرسل والمقتدر على سريره والوزير ومؤنس الخادم قائمان بالقرب منه وذكر الصولي احتفال المقتدر بمجيء الرسل فقال‏:‏ أقام المقتدر العساكر وصفهم بالسلاح وكانوا مائة وستين ألفا وأقامهم من باب الشماسية إلى دار الخلافة وبعدهم الغلمان وكانوا سبعة آلاف خادم وسبعمائة حاجب ثم وصف أمرًا مهولا قال‏:‏ كانت الستور التي نصبت على حيطان دار الخلافة ثمانية وثلاثين ألف ستر من الديباج ومن البسط اثنان وعشرون ألفأ وكان في الدار مائة سبع في السلاسل ثم أدخلوا دار الشجرة وكان في وسطها بركة والشجرة فيها ولها ثمانية عشر غصنا عليها الطيور المصوغة تصفر ثم أدخلوا إلى الفردوس وبها من الفرش مالايقوم وفي الدهاليز عشرة آلاف جوشن مذهبة معلقة وأشياء كثيرة يطول الشرح في ذكرها‏.‏

وفيها وردت هدايا صاحب عمان فيها طير أسود يتكلم بالفارسية والهندية أفصح من الببغاء وظباء سود وفيها توفي الأمير غريب خال الخليفة المقتدر بالله بعلة الذرب كان محترما في الدولة وهوقاتل عبد الله بن المعتز حتى قرر جعفرا المقتدر‏.‏

وفيها توفي سليمان بن محمد بن أحمد أبوموسى النحوي كان يعرف بالحامض وكان إماما في النحو وغيره وله تصانيف كثيرة منها‏:‏ خلق الإنسان و كتاب الوحوش والنبات و ‏"‏ غريب الحديث ‏"‏ ومات في ذ ي الحجة‏.‏

وفيها توفي عبد الصمد بن عبد الله القاضي أبو محمد القرشي قاضي دمشق حدث عن هشام بن عمار وغيره وروى عنه أيوزرعة الدمشقي وجماعة أخر وفيها توفي الفضل بن الحباب بن محمد بن شعيب أبوخليفة الجمحي البصري كان رحلة الآفاق في زمانه واسم أبيه عمرو ولقبه أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وعشر أصابع مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وأصبعان السنة الرابعة من ولاية ذكا الرومي على مصر وهي سنة ست وثلاثمائة‏:‏ فيها فتح بيمارستان السيدة أم المقتدر ببغداد وكان طبيبه سنان بن ثابت وكان مبلغ النفقة فيه في العام سبعة آلاف دينار‏.‏

وفيها أمرت أم المقتدر ‏"‏ ثمل ‏"‏ القهرمانة أن تجلس بالتربة التي بنتها بالرصافة للمظالم وتنظر في رقاع الناس في كل يوم جمعة فكانت ‏"‏ ثمل ‏"‏ المذكورة تجلس ويحضر الفقهاء والقضاة والأعيان وتبرز التواقيع وعليها خطها‏.‏

وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي وقيل‏:‏ أحمد بن العباس أخو أم موسى القهرمانة‏.‏

وفيها توفي أحمد بن عمربن سريج القاضي أبو العباس البغدادي الفقيه العالم المشهور قال الدارقطني‏:‏ كان فاضلًا لولا ما أحدث في الإسلام مسألة الدور في الطلاق‏.‏

وفيها توفي أحمد بن يحيى الشيخ أبو عبد الله بن الجلى أحد مشايخ الصوفية الكبار صحب أباه وذا آلنون المصري وأبا تراب النخشبي قال الرقي لقيت نيفا وثلاثمائة من المشايخ المشهورين وفيها توفي الأمير أبو عبد الله الحسين بن حمدان بن حمدون التغلبي عم السلطان سيف الدولة بن حمدان كان معظما في الدوله ولاه الخليفة المكتفي محاربة الطولونية ثم ولي حرب القرامطة في أيام المقتدر ثم ولي ديارربيعة فغزا وافتتح حصونا وقتل خلقا من الروم ثم خالف وعصى على الخلافة فسار لحربه رائق الكبير فانكسر فتوجه رائق إلى مؤنس الخادم وانضم إليه وعاد إليه وقاتله حتى ظفر به وأسره ووجهه إلى الخليفة فحبسه إلى أن قتل في محبسه ببغداد وكان من أجل الأمراء بأسا وشجاعة وهوأول من ظهر أمره من ملوك بني حمدان‏.‏

وفيها توفي عبدان بن أحمد بن موسى بن زياد أبو محمد الأهوازي الجواليقي الحافظ وكان اسمه عبد الله فخفف بعبدان وهوأحد من طاف البلاد في طلب الحديث وسمع الكثير وصنف التصانيف ورحل الناس إليه وكان أحد الحفاظ ا لأثبات‏.‏

وفيها توفي محمد بن خلف بن حيان بن صدقة أبو بكر القاضي الضبي وشرف بوكيع كان عالما نبيلا فصيحا عارفا بالسير وأيام الناس وله تصانيف كثيرة في أخبار القضاء وعدد آيات القران وغير ذلك‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع سواء مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وتسع عشرة إصبعًا‏.‏

على مصر وليها من قبل المقتدر بعد موت ذكا الرومي في شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثمائة وسار من بغداد إلى مصر وكان المقتدر قد جهز جيشًا إلى مصر نجدة لذكا وعلى الجيش الأمير إبراهيم بن كيغلغ والأمير محمود بن جمل فدخلوا مصر قبل تكين في شهر ربيع الأول المذكور ثم دخل تكين بعدهم بمدة في حادي عشرين من شعبان من السنة فلما وصل تكين إلى مصر أقر على شرطته آبن طاهر ثم تجهز بسرعة وخرج من الديار المصرية بجيوش مصر والعراق ونزل بالجيزة وحفر بها خندقا ثانيا غير الذي حفره ذكا قبل موته وأما عسكر المغاربة فإن مقدمة القائم آبن المهدي عبيد الله الفاطمي دخلت الإسكندرية في صفر هذه السنة فآضطرب أهل مصر ولحق كثير منهم بالقلزم والحجاز لا سيما لما مات ذكا فلما قدم تكين هذا تراجع الناس ثم إن تكين بلغه أن القائم محمدا قد آعتل بالإسكندرية علة صعبة وكثر المرض في جنده فمات داود بن حباسة ووجوه من القواد ثم تحاملوا ومشوا إلى جهة مصر فاستمر تكين بمنزلته من الجيزة إلى أن أقبلت عساكر المهدي فاستقبله المذكور فتقاتلا قتالا شديدا آنتصر فيه تكين وظفر بالمراكب في شوال من السنة وتوجهت عساكر المهدي إلى نحو الصعيد وعاد تكين إلى مصر مؤيدا منصورا ودام بها إلى أن حضر إليها مؤنس الخادم في نحو ثلاثة الاف من عساكر العراق في المحرم سنة ثمان وثلاثمائة وخرج تكين إلى الجيزة ثانيا وبعث ابن كيغلغ إلى الاشمونين لقتال عساكر المهدي أعني المغاربة فتوجه إليه آبن كيغلغ المذكور فمات بالبهنسا في أول ذي القعدة‏.‏

ثم بلغ تكين أن ابن المديني القاضي وجماعة بمصر يدعون إلى المهدي فأخذهم وضرب أعناقهم وحبس أصحابه‏.‏

وملك أصحاب المهدي الفيوم وجزيرة الاشمونين وعدة بلاد وضعف أمر تكين عنهم فقدم عليه نجدة ثانية من العراق عليها جني الخادم المعروف بالصفواني في ذي الحجة من السنة ثم خرج جني أيضًا بمن معه إلى الجزيرة وتوجه الجميع لقتال عساكر المهدي فكانت بينهم حروب وخطوب بالفيوم الإسكندرية وطال ذلك بينهم أياما كثيرة إلى أن رجع أبو القاسم القائم محمد بن المهدي عبيد الله بعساكره إلى برقة وأقام تكين بعد ذلك مدة وصرفه مؤنس الخا دم عن إمرة مصر في يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهرربيع الأول من سنة تسع وثلاثمائة وولى مكانه على مصر أبا قابوس محمود بن جمل وكانت ولاية تكين هذه الثانية على مصر نحو السنة وسبعة أشهر تخمينا‏.‏

السنة التي حكم فيها ذكا وفي اخرها تكين على مصر فيها اجدبت العراق فخرج أبو العباس أخو أم موسى القهرمانة والناس معه فاستقوا وفيها خلع المقتدر على نازوك الخادم وولاه دمشق‏.‏

وفيها خلع المقتدر على أبي منصور بن أبي دلف وولاه ديار بكر وسميساط‏.‏

وفيها دخلت القرامطة البصرة فنهبوها وقتلوا وسبوا وفيها توفي الفضل بن عبد الملك الهاشمي العباسي البغدادي بها وكان صاحب الصلاة بمدينة السلام وأمير مكة والموسم وقد تقدم ذكر أنه حج بالناس نحو العشرين سنة وتولى ابنه عمر مكانه وكانت وفاته في صفر وفيها توفي أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال أبويعلى التميمي الموصلي الحافظ صاحب المسند ولد في شوال سنة عشرين ومائتين وكان إمامًا عالمًا محدثا فاضلا وثقه آبن حيان ووصفه بالإتقان والدين وقال‏:‏ بينه وبين النبي صلىالله عليه وسلم ثلاثة أنفس وقال الحاكم هوثقة مأمون سمعت أبا علي الحافظ يقول كان أبويعلى لا يخفى عليه من حديثه إلا اليسير وفيها توفي علي بن سهل بن الأزهر أبو الحسن الأصبهاني كان أولا من أبناء الدنيا المترفين فتزهد وخرج عما كان فيه وكان يكاتب الجنيد فيقول الجنيد ما أشبه كلامه بكلام الملائكة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وتسع عشرة إصبعًا‏.‏

على مصر وهي سنة ثمان وثلاثمائة فيها غلت الأسعار ببغداد وشغبت العامة ووقع النهب فركبت الجند وسبب ذلك ضمان حامد بن العباس السواد وتجديد المظالم لما ولي الوزاره وقصدوا دار حامد فخرج إليهم غلمانه فحاربوهم ودام القتال بينهم أياما وقتل منهم خلائق ثم اجتمع من العامة نحو عشرة الاف فأحرقوا الجسر وفتحوا السجون ونهبوا الناس فركب هارون في العساكر وركب حامد بن العباس في طيار فرجموه وآختلت أحوال الدولة العباسية وغلبت الفتن ومحقت الخزائن وفيها استولى عبيد اللة الملقب بالمهدي الداعى على بلاد المغرب وعظم أمره ومن يومئذ أخذ أمر عبيد الله هذا في إقبال وأخفت الدولة العباسية في إدبار وفيها توفي جعفربن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفربن الحسن بن علي بن أبي طالب العلوي كان فاضلا ورعا مات في ذي القعدة‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن ثابت بن يعقوب الشيخ أبو عبد الله التوزي بزاي معجمة ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين وسكن بغداد ومات غريبا بالرملة وكان فاضلا عالما‏.‏

وفيها توفي إمام جامع المنصور الشيخ محمد بن هارون بن العباس بن عيسى بن أبي جعفر المنصوربن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي كان معرقا في النسب أم بجامع المنصور خمسين سنة وولي ابنه جعفر بعده فعاش تسعة أشهر ومات‏.‏

وفيها توفيت ميمونة بنت المعتضد أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وعشر أصابع‏.‏

ولاية أبي قابوس محمود على مصر هو محمود بن جمل أبوقابوس ولاه مؤنس الخادم إمرة مصر بعد عزل تكين عنها لأمر آقتضى ذلك في يوم الأحد ثالث عشر شهرربيع الأول سنة تسع وثلامائة فلم ينجح أمره وخالفت عليه جند مصر استصغارا له فعزله مؤنس بعد ثلاثة أيام في يوم الثلاثاء لست عشرة خلت من شهر ربيع الأول المذكور وعاد الأمير تكين على إمرة مصر لثالث مرة وكانت ولاية محمود هذا على مصر ثلاثة أيام على أنه لم يبت فيها أمرا قلت‏:‏ ومتى تفرغ للنظر في الأمور فإنه يوم لبس الخلعة جلس فيه للتهاني ويوم عزل للتآسي فإمرته على هذا يوم واحد وهويوم الاثنين فما عسى أ ن يصنع فيه وكان مؤنس الخادم حضر إلى مصر في عسكر من قبل الخليفة المقتدر سنة ثمان وثلاثمائة فصار يدبر أمرها ويراجع الخليفة‏.‏

ولاية تكين الثالثة على مصر ولما عزل مؤنس الخادم تكين هذا بأبي قابوس في ثالث عشر شهر ربيع الأؤل سنة تسع وثلاثمائة بغير جنحة عظم ذلك على المصريين فلم يلتفت مؤنس لذلك وولى أبا قابوس على إمرة مصر عوضه فكثر الكلام في عزل تكين المذكور وولاية أبي قابوس حتى أشيع بوقوع فتنة وتكلم الناس وأعيان مصر مع مؤنس الخادم في أمر تكين وخوفوه عاقبة ذلك وألحوا عليه في عوده فأذعن لهم بذلك وأعاده في يوم الثلاثاء سادس عشرين شهر ربيع الأول على رغمه حتى أصلح من أمره ما دبره من أمر المصريين وقرر مع القواد ما أراده من عزل تكين المذكور عن إمرة مصر ولا زال بهم حتى وافقه الجميع فلما رأى مؤنس أن الذي رامه تم له عزله بعد أربعة أيام من ولايته وذلك في يوم تاسع عشرين شهر ربيع الأول وهويوم سلخه من سنة تسع وثلاثمائة ثم بدا لمؤنس إخراج تكين هذا من الديار المصرية خوف الفتنة فأخرجه منها إلى الشأم في أربعة آلاف من أهل الديوان وبعث مؤنس إلى الخليفة يعرفه بمافعل فلما بلغ الخليفة ذلك ولى على مصر الأمير هلال بن بدر الآتي ذكره وأرسله إلى الديار المصرية‏.‏

ولاية هلال بن بدر على مصر هو هلال بن بدر الأمير أبو الحسن ولي إمرة مصر بعد عزل تكين عنها في شهر ربيع الآخر أعني من دخوله إلى مصر فإنه قدمها في يوم الاثنين لست خلون من شهر ربيع الآخر من سنة تسع وثلاثمائة والاه الخليفة المقتدر على الصلاة ولما دخل إلى مصر أقر أبن طاهر على الشرطة ثم صرفه بعد مدة بعلي بن فارس وكان هلال هذا لما قدم إلى مصر جاء معه كتاب الخليفة المقتدر لمؤنس بخروجه من مصر وعوده إلى بغداد فلما وقف مؤنس على كتاب الخليفة تجهز وخرج من الديار المصرية بعساكر العراق ومعه محمود بن جمل الذي كان ولي مصر‏.‏

وكان خروج مؤنس من مصر في يوم ثامن عشر شهر ربيع الأخر من سنة تسع وثلاثمائة المذكورة وأقام هلال بن بدر المذكور على إمرة مصر وأحوالها مضطربة إلى أن خرج عليه جماعة من المصريين وأجمعوا على قتاله وتشغبت الجند أيضًا ووافقوهم على حربه وانضم الجميع بمن معهم وخرجوا من الديار المصرية إلى منية الأصبغ ومعهم الأمير محمد بن طاهر صاحب الشرطة ولما بلغ هلالا هذا أمرهم تهيأ وتجهز لقتالهم وجمع من بقي من جند مصر وطلب المقاتلة وأنفق فيهم وضمهم إليه وجهزهم ثم خرج بهم وحواشيه إلى أن وافاهم وقاتلهم أياما عديدة وطال الأمر فيما بينه وبينهم ووقع له معهم حروب وكثر القتل والنهب بينهم وفشا الفساد وقطع الطريق بالديار المصرية فعظم ذلك على أهل مصر لا سيما الرعية وضعف ابن هلال هذا عن إصلاح أحوال مصر فصار كلما سد أمرا انخرق عليه آخر فكانت أيامه على مصر شر أيام ولما تفاقم الأمر عزله الخليفة المقتد ربا لله جعفر عن امرة مصر بالأمير أحمد بن كيغلغ فكانت ولاية هلال المذكور على مصر سنتين وأياما قاسى فيها خطوبا وحروبا ووقائع وفتنا إلى أن خلص كفافا لا له عليه‏.‏

السنة التي حكم في أولها تكين إلى ثالث عشر ربيع الأول ثم أبو قابس محمود ثلاثة أيام ثم تكين المذكور أربعة أيام ثم هلال بن بدر‏.‏

وهي سنة تسع و ثلائمائة‏:‏ فيها كانت مقتلة الحلاج واسمه الحسين بن منصور بن محمى أبو مغيث قيل‏:‏ أبو عبد الله الحلاج كان جده محمى مجوسيا فأسلم ونشأ الحلاج بواسط وقيل‏:‏ بتستر وتلمذ لسهل بن عبد الله التستر في ثم قدم بغداد وخالط الصوفية ولقي الجنيد والنوري وأبن عطاء وغيرهم وكان في وقت يلبس المسوح وفي وقت الثياب المصبغة وفي وقت الأقبية واختلفوا في تسميته ا لحلاج قيل‏:‏ إن أباه كان حلاجا وقيل‏:‏ إنه تكلم على الناس وعلى ما في قلوبهم فقالوا‏:‏ هذا حلاج الأسرار وقيل‏:‏ إنه مر على حلاج فبعثه في شغل له فلما عاد الرجل وجده قد حلج كل قطن في الدكان وقد دخل الحلاج الهند وأكثر لأسفار وجاور بمكة سنين ثم وقع له أمور يطول شرحها وتكلم في اعتقاده بأقوال كثيرة حتى اتفقوا على زندقته والله أعلم بحاله وكان قد حبس في سنة إحدى وثلاثمائة فأخرج في هذه السنة من الحبس في يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ذي القعدة وقيل‏:‏ لست بقين منه فضرب ألف سوط ثم قطعت أربعته ثم حز رأسه وأحرقت جثته ونصب رأسه على الجسر أياما ثم أرسل إلى خراسان فطيف به وفيها وقع بين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري وبين السادة الحنابلة كلام فحضر أبو جعفر عند الوزير علي بن عيسى لمناظرتهم ولم يحضروا‏.‏

وفيها قدم مؤنس الخادم على الخليفة من مصرف خلع عليه ولقبه بالمظفر‏.‏

قلت وهذا أول لقب سمعناه من ألقاب ملوك زماننا وفيها توفي محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام أبو بكر المحولي والمحول‏:‏ قرية غريي بغداد كان إمامًا عالمًا وله التصانيف الحسان وهو مصنف كتاب لا تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب ‏"‏ وحدث عن الزبير بن بكار وغيره وروى عنه ابن الأنباري وغيره وكان صدوقًا ثقة وفيها توفي محمد بن أحمد بن راشد بن معدان الحافظ أبو بكر الثقفي مولاهم كان حفاظًا محدثًا طاف البلاد ولقي الشيوخ وصنف الكتب ومات بشروان الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أحمد بن أنس بن مالك الدمشقي وأبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف الزاهد وعلي بن سعيد بن بشير الرازي ومحمد أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وثلاث عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وثلاث أصابع‏.‏